لكي تُحب نفسك، ينبغي ألّا تكره التجارب التي شكّلتك.




حين نكبر ونكتسب خبرات الحياة، ونبدأ في فهم محاور أساسية لتكوين حياة صحّية وتشكيل ذات متزنة لها وزنٌ وهيبة، قد نشعر بشيء من الخجل تجاه ماضينا. ولكن، لا بدّ أن نُدرك في بعض الأحيان أنّه لولا تلك التجارب، لما تعلّمنا الدروس التي شكّلت وعينا ونضجنا.

في أوقاتٍ معيّنة، يشعر الإنسان بالضياع، ويبتعد عن الدين، حتى يُريه الله عز وجل أنّ الحياة دون هدى ديني لا يمكن أن تستقيم. فالابتعاد عن الدين يُبعدنا عن الفطرة السليمة، وتأتي دروس الحياة لتعيدنا إليها. وما إن نعود إلى الطريق القويم، حتى نُصبح أكثر ثباتاً ورسوخاً. ولهذا، فإن ماضينا يُعيننا على التمييز بعمق بين الصواب والخطأ، بل ويساعدنا على ألّا نضيع من جديد.

وفي أوقات أخرى، يتكرر الدرس ذاته في حياتنا، لأننا لم نستوعبه بعد. علاقات وصَداقات فاشلة، خيانات متكررة، وتكرار للألم. وكل ذلك لأننا لم نُدرك موضع الخطأ، ولم نلتقط مغزى الدرس بعد. لكن، هذا كله لا ينبغي أن يترك فينا أثراً من غضب أو قهر، خاصةً حين نُدرك أين كنّا نخطئ.

التسامح مع الذات ضرورة لا غنى عنها. فلو لم تخطئ في الماضي، لما كنت لتفهم الدروس التي تستوعبها اليوم. وإذا كان رب العرش العظيم، خالق الكون، يقبل توبتك ويغفر لك بمجرد أن تتغيّر، فلِمَ تتمسّك بماضٍ لم يَعُد إلا مجرّد نسخة قديمة من ذاتك؟ وكم من نسخة من نفسك قد غادرتك عبر السنين؟ وأيٌّ منها يمكن أن يُحدّد قيمتك اليوم؟

لولا التجارب المريرة والقصص الصعبة، لما كنت الشخص الذي أنت عليه الآن. وحين تنظر إلى نفسك وتُدرك كم غيّرتك السنوات، وكم علّمتك من دروس، وكم نضجت، فاعلم أنّ نسختك القديمة كانت السبب فيما فهمته اليوم.

سامح ماضيك، وتذكّر أن الشعور بالذنب كثيراً ما يكون وليد الشعور بالخزي، والذي، من منظور علم النفس، غالباً ما ينبع من الخوف من الرفض. وعندما نُدرك أسباب مشاعرنا، يمكننا أن نفهم لماذا نُضخّم شعورنا بالكراهية تجاه ذواتنا.

ومهما فعلت في الماضي، فإن حياتك لن تبدأ بالشكل الصحيح إلّا عندما تُسامح نفسك. فتصالح مع جميع نسخك التي كانت اقل نضج منك و التي خاضت تجارب زادتك خبرة في الحياة. 

Comments

Popular posts from this blog

٥ سلوكيات نبيلة قد تكون سبب تعاستك

مفهموم الأنوثة و أركانها الخمسة

النساء والعار بين النصّ الديني والعادات