الأنوثة المقهورة في حضن الأمومة: ميراث القمع بين الأجيال
تُعدّ علاقة الأم بابنتها من أكثر العلاقات الإنسانية تعقيدًا، فهي في كثيرٍ من الأحيان علاقة مشوبة بالسمّية والصراع، كأنها سلسلة تخنق الأنوثة في مهدها. تخنق الأم أنوثة طفلتها إرضاءً للمجتمع الذكوري، فتشبّ الابنة باحثة عن ذاتها المفقودة، وتكبر لتصبح امرأة بائسة فاقدة لاتصالها بأنوثتها، محصورة في دور الأمومة وما تقدّمه من خدمات لعائلتها، لتعيد بدورها تكرار التجربة الأليمة ذاتها مع ابنتها. وتُبرز الكيفية التي يتسرّب بها النظام الأبوي إلى أدقّ الروابط الحميمية بين النساء. ورغم أنّ الأمومة جزء أساسي من التجربة الأنثوية، إلا أنّها لا ينبغي أن تتحوّل إلى محور الكيان كلّه. فمشكلتنا تكمن في أنّ أمهاتنا مررنَ، في يومٍ ما، بما نمرّ به نحن اليوم؛ إذ قُمعت أنوثتهنّ وأُجبرن على كبتها تحت وطأة التعيير المجتمعي. خضن صراعًا مريرًا ضد فطرتهنّ الحرة، فاستسلمن لظلمٍ طويلٍ رسّخ فيهنّ الخضوع وجعله يبدو وكأنه من طبيعة نسيجهنّ. وحين اعتقدن أنّ هذا الخضوع هو الصواب، بدأن بمحاولة فرضه على بناتهنّ، ليُعاد مشهد القمع ذاته في جيلٍ جديد. وهكذا، تحوّلت العلاقة بين الأم وابنتها إلى علاقة مؤلمة تملؤها المرارة والذل...